لطفي جعفر أمان

6:36 ص اريج الامل 0 التعليقات

يا بلادي

اقفزي من قمة الطود لأعلى الشهب
وادفعي في موكب النور مطايا السحب
وستقلي كوكبا يزهو بأسنى موكب
فلقد مزقت عن نفسي كثيف الحجب
ولقد حطمت أصنام الدجى المنتحب
وهوى البرج على أوهامه والكذب
وانبرت بي في المدى أجنحة من لهب
تزرع الأضواء في جفن الليالي المتعب
وتنيل الجدب من شؤبوبها المنسكب
*****
يا بلادي لم اعد أسطورة في الكتب
لم اعد من ألف (ليلة) ليلة من عجب
لم اعد أنقاض مجد في ضمير الحقب
لم اعد ادفن دمعي في رغام الغيهب
لم اعد طيف خيال بالرؤى مختضب
أو أنينا راعف الجرح بصدر مجدب
أو نشيدا مخجلا يضحك منه الأجنبي
أشرق المسعى فللنور شذى من مطلبي
والسنا يغمر أفقي وطريقي الذهبي
*****
يا بلادي .. يا نداء هادرا يعصف بي
يا بلادي .. يا ثرى جدي وابني وأبي
يا رحيبا من وجودي .. لوجود أرحب
يا كنوزا لا تساويها كنوز الذهب
اقفزي من ذروة الطود لأعلى الشهب
اقفزي .. فالمجد بسام السنا عن كثب
اقفزي .. فالمجد ما دان لمن لم يثب
****
يا بلادي كلما أبصرت (شمسان) الأبي
شاهقا في كبرياء حرة لم تغلبي
صحت يا للمجد في أسمى معالي الرتب
يا لصنعاء انتفاضات صدى في يثرب
يا لبغداد التي تهفو لنجوى حلب
يا لأوراس لظى في ليبيا والمغرب
يا لأرض القدس يحمي قدسها ألف نبي
يا لنهر النيل يروي كل قلب عربي
فأملاي كأسك من فيض دمائي واشربي

يا بلادي .. يا بلادي يا بلاد العرب!


كانت لنا أيام

لا تَسَلني عن الهوى
عن رُؤى الأمس بالصِّبا
صَدَح الفجرُ وانطوى
لحنُه والسَّنا خبا
فأنا اليومَ حيرةٌ
تَنشُد الأمسَ في غَدي!

في غَدي؟! أيُّ مَطلبِ
أنشدُ الوهمَ بالمحالْ
كيف أصبو له وبي
صَدمةُ الواقع العُضال
حيث لا حِسَّ لا صدى
غير أمسي بلا غد!

لم يزل في دمي ربيعْ
دافقُ العطر بالشبابْ
غير أني كمن يَضيعْ
ظمأً يلعق السرابْ
تاه بي شَكُّ حاضِري
راجفُ العُمر من غَدي

عبرت كلُّها سُدى
«خمسةٌ» من يد الزمنْ
فتلفّتُّ في المدى
أرقُب البعثَ في كَفنْ
أرقب الأمس والهوى
في خيالٍ من الغدِ!

اتركيها يا طفلتي
وامسحي الدمع بالعَزاءْ
هذه الدمية التي
حُطِّمتْ أصبحت هباءْ
كلُّ ما مرَّ وانقضى
ليس يَحيا مع الغدِ!

لمَ في الحلم نلتقي؟
في جنانٍ من الأملْ
ثمّ في الحاضر الشقي
في فراغٍ من المللْ
ترسم الريحُ حلمنا
صورة الوهم في الغدِ

يا رفيقيَّ في الحياةْ
يا شُعوري وأدمعي
أعبرُ الأرضَ ذِكرياتْ
ليتَ ما كُنتما معي
لأُغنِّي لحاضري
لا لأمسٍ ولا غدِ!

لأغنّي لحاضري
وهو يهتز في دمي
لا أُبالي بِغابرٍ
أو بآتٍ مُطلسَمِ
لذَّتي حين أنتشي
مُهمَل الأمس والغدِ!

إنما أنتما أنا
في وجودي المبدَّدِ
فامضيا واطويا الدُّنا
كالخيال المجرَّدِ
يحسب الناس أننا
لم نكن بعدُ كالغدِ

يذهب اليومُ من يدي
مثل أمسي كأنما
لم أعش بعدُ مَولدي
أو أنا عشتُ إنما
بين أمسي وحاضري
مثل أسطورة الغدِ!

0 التعليقات: