ابن سهل الأندلسي

8:26 م اريج الامل 0 التعليقات




أهدى التلاقي صُبْحَ وجهك مُسْفِرا 


أهدى التلاقي صُبْحَ وجهك مُسْفِرا
فحمدتُ عند الصبحِ عاقبة َ السرى
اللَّهُ أكبرُ قد رأيتُ بكَ الذي
يلقاهُ كلُّ مكبرٍ إن كبرا
أمنية ٌ كم أبطأتْ لكنْ حلتْ
كالنخلِ طابَ قطافُهُ وتأخّرا
ما ضرّني مَعْ رؤية ِ الحسنِ الرضى
أني أفارقُ موطناً أو مَعْشَرا
إذ أفقهُ كلُّ البلادِ وعصرهُ
كلُّ الزمانِ وشخصُهُ كلُّ الورى
دارُ المكارمِ والمناسكِ دارهُ
فتوخَّ فيها مشرعاً أو معشرا
دارٌ ترى درَّ الثناء منظماً
فيها ودرَّ المكرماتِ منثرا
إحسانُهُ مُتَيَقِّظٌ لِعُفَاتِهِ
ومن العلا الكرم الأكدرا كذا
تأميلُهُ نورٌ لقاصِدِ بابهِ
فتظنُّ مَنْ يسري إليه مُهَجِّرا
يلقَى ذوي الحاجاتِ مسروراً بهم
فَكأنَّ سائِلَهُ أتاهُ مبشِّرا
يَرْضَى الكفافَ تُقًى مِنَ الدنيا ولا
يرضى الكفافَ إذ تلمَّسَ مَفْخَرا
لم أدرِ قَبلَ سماحِهِ وبيانِهِ
أنَّ الفراتَ العذبَ يُعطي الجوهرا
يا أهلَ سبتة ٍ اشكروا آثارهُ
إنَّ المواهبَ قَيْدُها أن تُشكرا
هوَ بينكمْ سرُّ الهدى لكنهُ
لجلالهِ السرُّ الذي لنْ يسترا
هو فوقكمْ للأمنِ ظلٌّ سابغٌ
لو أنَّ ظلاًّ قدْ أضاءَ ونورا
ما كلُّ ذي مجدٍ رأيتمْ قبلهُ
إلا العجالة َ سبقتْ قبلَ القرى
أغناكمُ وأزال رجساً عنكُمُ
كاغيثِ أخصبَ حيثُ حلَّ وطهرا
فالأُسْدُ من صولاتِهِ مذعورة ٌ
والطيرُ من تأمينهِ لَن تُذْعَرا
فهوَ الذي سفك الهباتِ مؤملاً
وهوَ الذي حَقَنَ الدماءَ مدبِّرا
فكسانيَ الآمال غيثاً أخضراً
و كفى بني الأوجالِ موتاً أحمرا
استخلصَ ابنُ خلاصٍ الهمَمَ التي
بلغَ السماءَ بها ويبغي مظهرا
ملءُ المَسامِعِ منطقاً، ملءُ الجوا
نحِ هيبة ً ، ملءُ النواظرِ منظرا
لو أنَّ عِند النجمِ بَعضَ خلالِهِ
ما كان في رأي العيون ليصغرا
لما تكررَ كلَّ حينٍ حمدهُ
نسيَ الورى ثقلَ الحديثِ مكررا
سهلتْ لهُ طرقُ العلا فتخالهُ
مهما ارتقى في صعبها متحدرا
فردٌ تصدقُ من عجائبِ مجدهِ
ما في المسالكِ والممالكِ سطرا
ما إن يزالُ لما أنال من اللُّها
مُتَناسِياً ولِوَعْدِهِ مُتَذكِّرا
يا كعبة ً للمجدِ طافَ محلقاً
مجدُ السماك بها فعادَ مقصرا
أطْوَادُ عزٍّ فَوْقَ أنْجَد نائلٍ
و كأنما بركانها نارُ القرى
يا رحمة ً بالغربِ شاملة ً بدتْ
فِيهِ أعمَّ من النهارِ وأشْهَرا
حمصُ التي تدعوك : جهزْ دعوة
لغياثها إنْ لَمْ تجهّزْ عَسكَرا
قد شمتُ بهجتَها مولّية ً على
حرفٍ كما زار النسيبُ معذرا
حُفّتْ مَصانِعُها الأنيقة ُ بالعدا
فترى بساحة ِ كلِّ قصرٍ قيصرا
ما تعدمُ النظراتُ حسناً مقبلاً
منها ولا الحسراتُ حظاً مدبرا
نفسي قد اختارتْ جواركَ عودة ً
فلترحمِ المتحيرَ المتخيرا
إنْ ضلَّ غيرك وهوَ أكثرُ ناصراً
ونهضتَ للإسلامِ وحدكَ مُظْهرا
فالبحرُ لا يروي بكثرة ِ مائهِ
ظمأً ورُبَّ غمامة ٍ تُحيي الثرى
كم غبتُ عنك وحُسنُ صُنعك لم يزل
عندي عبيراً حيثُ كنتَ وعنبرا
و النبتُ عن لقيا الغمامِ بمعزلٍ
ويبيتُ يشربُ صَوْبَه المستغزرا
تنأى وتدنو والتفاتك واحدٌ
كالفعلِ يعملُ ظاهراً ومقدرا
لم أدرِ قبل فراقكُمْ أنَّ العُلا
أيضاً تسومُ محبَّها أنْ يَسْهَرا
كَفّاكَ تُقْتُ إليهما وأراهُما
لعلاجِ سُقمي زمزماً والكوثرا
فامْدُدْ أُقبّلْ ثمَّ أحلفُ أنّني
قبلتُ في الأرضِ السحابَ الممطرا



انظُر إلى لَونِ الأصيلِ كأنّه
انظُر إلى لَونِ الأصيلِ كأنّه
 لا شَكَّ لونُ مُودِّعٍ لفِراقِ
و الشمسُ من شفقِ المغيبِ كأنها
  قد خمشتْ خداً من الإشفاقِ
لاقتْ بحمرتها الخليجَ فألفا
 خجلَ الصبا ومدامعَ العشاقِ
سقَطَتْ أوانَ غُروبِها محمرَّة ً
 كالكأسِ خرتْ من أناملِ ساقِ



أرقتُ لبرقٍ بالحمى يتألقُ

أرقتُ لبرقٍ بالحمى يتألقُ
فقلبي أسيرٌ حيثُ دمعيَ مطلقُ
غذا فهتُ بالشكوى ترنم صاحبي
كما طارَحَ الغصنَ الحمامُ المطوَّقُ
فبتنا قرينَيْ لوعة ٍ نَصْطلي بِها
كأنا على النارِ الندى والمحلقُ
نقضّي ديونَ الشوقِ حتى قضى على
غرابِ الدجى بازي الصباحِ المحلقُ
وشفَّ عن النورِ الظلامُ كأنّهُ
حدادٌ على بيضِ الصدورِ يمزقُ
يمانعُ ضوءَ الفجرِ والفجرُ صادعٌ
كما عارضَ البرهانَ قولٌ ملفقُ
كأنَّ احمرارَ الأفقِ والفجرَ والدجى
دمٌ وحسامٌ مشرفيٌّ ومَفرِقُ
أيا جنة ً حلتْ لظى من جوانحي
أطيَّ ضلوعي جنة ٌ وهو يحرقُ
أيُنْكرُ قلبُ الصبِّ مُنْذُ سكنتَه
ليباً وحراً وهو للشمسِ مشرقُ
رعى اللهُ عهداً للصبا ليس يرتجى
و اخبارهُ متلوة ٌ تتشوقُ
وأرضاً يكادُ الليلُ في عَرَصاتها
لشدة ِ ما قد ضاوعَ المسكُ يعبقُ
سقاها سحابٌ مثلُ دمعي، ومِيضُهُ
كقلبي ، تشبُّ النارُ فيهِ ويخفقُ
يُداني الرُّبى حتى قصيرُ نباتِها
يكادُ بهِ من شوقهِ يتعلقُ
كأنَّ حياهُ الجَوْدَ والنبتَ والثرى
بنانُ أبي بكرٍ وخطٌّ ومهرقُ
فتًى فِيه ما في الشُّهبِ والبرقِ والحَيا
فَمِنْها لَهُ ذهنٌ وكفٌّ ومَنْطِقُ
تخايلهُ في الغيثِ صعقٌ ورحمة ٌ
وفي الصارِمِ الهنديِّ حدٌّ ورونَقُ
تكفَّل مِنهُ راحة َ الدِّينِ خاطر
ٌ  تعوبٌ ونومُ الملكِ عزمٌ مؤرَّقُ
يظنُّ بهِ وهوَ المحوطُ ضياعهُ
كما ساء ظنّاً بالأحبّة ِ مُشْفِقُ
حمى ً في سماحٍ في قبولٍ كدوحة ٍ
تظلُّ وتجنى كلَّ حينٍ وتنشقُ
لَهُ قَلَمٌ قَدْ أُوتيَ الحُكْمَ شيمة ً
فلوْ كان طفلاً كان في المهدِ ينطقُ
بكى السيفُ منهُ غَيْرَة ً فبريقُهُ
على صفحتيهِ عبرة ٌ تترقرقُ
و ليس اهتزازُ الرمحِ للطعنِ خفة ً
ولكنّها من شدة ِ الرعبِ أوْلَقُ
قصيرٌ طويلُ الباعِ شاكٍ الضنى
تصحُّ بِهِ مرضى المعاني وَتُفْرِقُ
إذا ما جرى بالرزقِ فالمزنُ جامدٌ
ومهما جرى في الطرسِ فالبرقُ مؤنقُ
بثثتَ بأُفْقِ الغربِ كلَّ غريبة ٍ
من القول يشجى الشرق منها ويشرقُ
تسيرُ فتحكي البدرَ سيراً وغُرَّة ً
خلا أنّها معصومة ٌ ليس تمحقُ
يحاكي ثغورَ الغانياتِ ابتسامها
ومنظرها، والوردُ أروى وأورقُ
إذا وردتْ حفلاً تغامزَ أهلهُ
صحائفُ فُضَّتْ أم نوافجُ تُفْتَقُ
فمن مطلقٍ منهم عرى المدح مسهبٍ
و من صامتٍ عجزاً فمطرٍ ومطرقُ
لك النظمُ تهوى الشمسُ لو كسيتْ به
وَجُرِّدَ عَنْها نُورُها المتألّقُ
فيعشو لَهُ الأعشى إذا لاحَ نُورُهُ
ويجري جريرٌ ظالعاً حين يُعْنِقُ
هو الدُّرُّ: يُهدي الدُّرَّ بحرٌ مكدَّرٌ
زُعاقٌ وذا يهديه عَذْبٌ مروَّقُ
تكاملتَ بينَ الجودِ والشعر فاغتدى
عَلَيْكَ عِيالاً حاتمٌ والفرزدقُ
قريضٌ وقرضٌ للنهى فمسامعٌ
تشنفُ منها أو رقابٌ تطوقُ
لأخضلتَ جوداً واشتعلتَ نباهة ً
فزندكيوري حيثُ غصنك يورقُ
فإنّك في نفسِ المكارمِ والعُلا
طباعٌ وَخُلْقٌ والأنامُ تَخَلُّقُ
ألا وتَهنأْ موسماً لوفودِهِ
لقَدْ كادَ قبلَ الوقتِ نحوكَ يسبِقُ
و زاركَ دونَ الناس وحدكَ إنما
ثناهُ التقى أو عادة ٌ ليس تخلقُ
وما منكما إلا سعيدٌ مُهَنَّأٌ
و لكنْ لذي اللبّ الهناءُ المحققُ
ودونَكها حسناءَ مِنْ غيرِ مُحْسِنٍ
كما جاء من ذي الذنبِ عذرٌ منمقٌ
أأهدي إلى شمس الضحى كوكبَ السها
وينفقُ لي في معدِنِ التبرِ زئبقُ
تحبُّ الورى الآدابَ وهي مُضاعة ٌ
فأحسبها الدنيا تلامُ وتعشقُ
ولولاك إذ أصْبحتَ حُجّة َ سعدِها
لكنتُ بدعوى الشُّؤْمِ فيها أصدِّقُ
كأنَّ مُلِمَّ الرزقِ طيفٌ وهمَّني
سهادٌ وليس الطيفُ في السُّهدِ يطرقُ




أسْعِدِ الوجدَ بدمعٍ وكَفا
أسْعِدِ الوجدَ بدمعٍ وكَفا
لا تقلْ للدمعِ : حسبي وكفى
لستُ في دمِعي غَريقاً إنّما
جسدي خفَّ ضنى ً حتى طفا
جاد غيثُ الدمعِ من بعدكَ في
مُقلتي رسمَ الكَرى حتى عَفا
ذِكرُكَ الأعطَرُ يُبكيني دماً
ربَّ مسكٍ بشذاه رعفا
لستُ مشغوفاً بموسى إنّه
ليس لي قلبٌ فأشكو الشغفا
كنتُ أشكو في الهوى واليومَ قد
تبتُ ، يعفو اللهُ عما سلفا
 

0 التعليقات: